ﻣﺼﻴﺪﺓ ﺍﻟﻔﺌﺮﺍﻥ ﺍﻟﺨﻄﻴﺮﺓ
ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻠﻌﺎﺏ ﻳﺴﻴﻞ ﻣﻦ ﻓﻢ ﺍﻟﻔﺄﺭ ، ﻭﻫﻮ ﻳﺘﺠﺴﺲ ﻋﻠﻰ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻤﺰﺭﻋﺔ ﻭﺯﻭﺟﺘﻪ ﻭﻫﻤﺎ ﻳﻔﺘﺤﺎﻥ ﺻﻨﺪﻭﻗﺎ ﺃﻧﻴﻘﺎ ، ﻭﻳﻤﻨِّﻲ ﻧﻔﺴﻪ ﺑﺄﻛﻠﻪ ﺷﻬﻲ ﺃﻧﻪ ﺣﺴﺐ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻨﺪﻭﻕ ﻳﺤﻮﻱ ﻃﻌﺎﻣﺎ ﻭﻟﻜﻦ ﻓﻜﻪ ﺳﻘﻂ ﺣﺘﻰ ﻻﻣﺲ ﺑﻄﻨﻪ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺭﺁﻫﻤﺎ ﻳﺨﺮﺟﺎﻥ ﻣﺼﻴﺪﺓ ﻟﻠﻔﺌﺮﺍﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻨﺪﻭﻕ ، ﻓﺎﻧﺪﻓﻊ ﺍﻟﻔﺄﺭ ﻛﺎﻟﻤﺠﻨﻮﻥ ﻓﻲ ﺃﺭﺟﺎﺀ ﺍﻟﻤﺰﺭﻋﺔ ﻭﻫﻮ ﻳﺼﻴﺢ ﻟﻘﺪ ﺟﺎﺅﻭﺍ ﺑﻤﺼﻴﺪﺓ ﺍﻟﻔﺌﺮﺍﻥ ﻭﺭﺩﺩ " ﻳﺎ ﻭﻳﻠﻨﺎ ﻭﻳﺎ ﻭﻳﻠﻨﺎ ..."
ﻫﻨﺎ ﺻﺎﺣﺖ ﺍﻟﺪﺟﺎﺟﺔ ﻣﺤﺘﺠﺔ ﺍﺳﻤﻊ ﻳﺎ ﻓﺮﻓﻮﺭ ﺍﻟﻤﺼﻴﺪﺓ ﻫﺬﻩ ﻣﺸﻜﻠﺘﻚ ﺍﻧﺖ ﻓﻼ ﺗﺰﻋﺠﻨﺎ ﺑﺼﻴﺎﺣﻚ ﻭﻋﻮﻳﻠﻚ .
ﻓﺘﻮﺟﻪ ﺍﻟﻔﺄﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺨﺮﻭﻑ ﺍﻟﺤﺬﺭ ، ﺍﻟﺤﺬﺭ ﻓﻔﻲ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻣﺼﻴﺪﺓ ﻓﺎﺑﺘﺴﻢ ﺍﻟﺨﺮﻭﻑ ﻭﻗﺎﻝ : " ﻳﺎ ﺟﺒﺎﻥ ﻳﺎ ﺭﻋﺪﻳﺪ ، ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺗﻤﺎﺭﺱ ﺍﻟﺴﺮﻗﺔ ﻭﺍﻟﺘﺨﺮﻳﺐ ﻃﺎﻟﻤﺎ ﺃﻧﻚ ﺗﺨﺸﻰ ﺍﻟﻌﻮﺍﻗﺐ ﺛﻢ ﺇﻧﻚ ﺍﻟﻤﻘﺼﻮﺩ ﺑﺎﻟﻤﺼﻴﺪﺓ ﻓﻼ ﺗﻮﺟﻊ ﺭﺅﻭﺳﻨﺎ ﺑﺼﺮﺍﺧﻚ ، ﻭﺃﻧﺼﺤﻚ ﺑﺎﻟﻜﻒ ﻋﻦ ﺳﺮﻗﺔ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﻗﺮﺽ ﺍﻟﺤﺒﺎﻝ ﻭﺍﻷﺧﺸﺎﺏ "
ﻫﻨﺎ ﻟﻢ ﻳﺠﺪ ﺍﻟﻔﺄﺭ ﻣﻨﺎﺻﺎ ﻣﻦ ﺍﻻﺳﺘﻨﺠﺎﺩ ﺑﺎﻟﺒﻘﺮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺎﻟﺖ ﻟﻪ ﺑﺎﺳﺘﺨﻔﺎﻑ : " ﺃﻧﺎ ﻣﺮﻋﻮﺑﺔ ... ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻨﺎ ﻣﺼﻴﺪﺓ ! ! ﻳﺒﺪﻭ ﺃﻧﻬﻢ ﻳﺮﻳﺪﻭﻥ ﺍﺻﻄﻴﺎﺩ ﺍﻷﺑﻘﺎﺭ ﺑﻬﺎ ... ﻫﻞ ﺃﻃﻠﺐ ﺍﻟﻠﺠﻮﺀ ﺍﻟﺴﻴﺎﺳﻲ ﻓﻲ
ﺣﺪﻳﻘﺔ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻥ؟ "
ﻗﺮﺭ ﺍﻟﻔﺎﺭ ﺃﻥ ﻳﺘﺪﺑﺮ ﺃﻣﺮ ﻧﻔﺴﻪ ﻭﻭﺍﺻﻞ ﺍﻟﺘﺠﺴﺲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻉ ﺣﺘﻰ ﻋﺮﻑ ﻣﻮﺿﻊ ﺍﻟﻤﺼﻴﺪﺓ ، ﻭﻧﺎﻡ ﺑﻌﺪﻫﺎ ﻗﺮﻳﺮ ﺍﻟﻌﻴﻦ ﻣﻘﺮﺭﺍً ﺍﻻﺑﺘﻌﺎﺩ ﻣﻦ ﻣﻜﻤﻦ ﺍﻟﺨﻄﺮ ... ﻭﻓﺠﺄﺓ ﺷﻖ ﺳﻜﻮﻥ ﺍﻟﻠﻴﻞ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﻤﺼﻴﺪﺓ ﻭﻫﻲ ﺗﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ ﻓﺮﻳﺴﺔ ﻭﻫﺮﻉ ﺍﻟﻔﺄﺭ ﺇﻟﻰ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻤﺼﻴﺪﺓ ﻟﻴﺮﻯ ﺛﻌﺒﺎﻧﺎ ﻳﺘﻠﻮﻯ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺃﻣﺴﻜﺖ ﺍﻟﻤﺼﻴﺪة ﺑﺬﻳﻠﻪ .
ﺛﻢ ﺟﺎﺀﺕ ﺯﻭﺟﺔ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻉ ﻭﺑﺴﺒﺐ ﺍﻟﻈﻼﻡ ﺣﺴﺒﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﻔﺄﺭ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺗﻢ ﺍﺻﻄﻴﺎﺩﻩ ... ﻓﺎﻗﺘﺮﺑﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺼﻴﺪﺓ ﻓﻠﺴﻌﻬﺎ ﺍﻟﺜﻌﺒﺎﻥ ﻭﻋﻀﻬﺎ ﻛﺬﻟﻚ ﻟﺘﺴﻘﻂ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ...
ﺫﻫﺐ ﺑﻬﺎ ﺯﻭﺟﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻮﺭ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻰ ﺣﻴﺚ ﺗﻠﻘﺖ ﺇﺳﻌﺎﻓﺎﺕ ﺃﻭﻟﻴﺔ ، ﻭﻋﺎﺩﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺒﻴﺖ ﻭﻫﻲ ﺗﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺍﺭﺗﻔﺎﻉ ﻓﻲ ﺩﺭﺟﺔ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﺓ .
ﻭﺑﺎﻟﻄﺒﻊ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﻤﺴﻤﻮﻡ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﺇﻟﻰ ﺳﻮﺍﺋﻞ ، ﻭﻳﺴﺘﺤﺴﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﺸﻮﺭﺑﺔ ﻭﻫﻜﺬﺍ ﻗﺎﻡ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻉ ﺑﺬﺑﺢ ﺍﻟﺪﺟﺎﺟﺔ ﻭﺻﻨﻊ ﻣﻨﻬﺎ ﺣﺴﺎﺀ ﻟﺰﻭﺟﺘﻪ ﺍﻟﻤﺤﻤﻮﻣﺔ .
ﻭﺗﺪﻓﻖ ﺍﻷﻫﻞ ﻭﺍﻟﺠﻴﺮﺍﻥ ﻟﺘﻔﻘﺪ ﺃﺣﻮﺍﻟﻬﺎ ، ﻓﻜﺎﻥ ﻻﺑﺪ ﻣﻦ ﺫﺑﺢ ﺍﻟﺨﺮﻭﻑ ﻹﻃﻌﺎﻣﻬﻢ ﻭﻟﻜﻦ ﺍﻟﺰﻭﺟﺔ المسكينة ﺗﻮﻓﻴﺖ ﺑﻌﺪ ﺻﺮﺍﻉ ﻣﻊ ﺍﻟﺴﻤﻮﻡ ﺩﺍﻡ ﻋﺪﺓ ﺃﻳﺎﻡ ﻭﺟﺎﺀ ﺍﻟﻤﻌﺰﻭﻥ ﺑﺎﻟﻤﺌﺎﺕ ﻭﺍﺿﻄﺮ ﺍﻟﻤﺰﺍﺭﻉ ﺇﻟﻰ ﺫﺑﺢ ﺑﻘﺮﺗﻪ
ﻟﺘﻮﻓﻴﺮ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻟﻬﻢ ...
ﻭﻫﻨﺎ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺤﻴﻮﺍﻥ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺑﻘﻲ ﻋﻠﻰ ﻗﻴﺪ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻫﻮ ﺍﻟﻔﺄﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻛﺎﻥ ﻣﺴﺘﻬﺪﻓﺎ ﺑﺎﻟﻤﺼﻴﺪﺓ ، ﻭﻛﺎﻥ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ ﺍﻟﺬﻱ ﺍﺳﺘﺸﻌﺮ ﺍﻟﺨﻄﺮ .. ﺛﻢ ﻓﻜﺮ ﻓﻲ ﺃﻣﺮ ﻣﻦ ﻳﺤﺴﺒﻮﻥ ﺍﻧﻬﻢ ﺑﻌﻴﺪﻭﻥ ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺼﻴﺪﺓ ﻭﻟﻢ ﻳﻔﻜﺮﻭﺍ ﺑﺎﻟﺨﻄﺮ ﺑﻞ
ﺍﺳﺘﺨﻔﻮﺍ ﺑﻤﺨﺎﻭﻑ ﺻﺪﻳﻘﻬﻢ ﺍﻟﻔﺄﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻌﺮﻑ ﺑﺎﻟﻐﺮﻳﺰﺓ ﻭﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﺃﻥ ﺿﺤﺎﻳﺎ ﺍﻟﻤﺼﻴﺪﺓ ﻗﺪ ﻳﻜﻮﻧﻮﻥ ﺃﻛﺜﺮ ﻣﻤﺎ ﺗﺼﻮﺭﻭﺍ ﻗﺘﻠﻰ ﺍﻟﻤﺼﻴﺪﺓ !
الحكمة : ﺍﻟﺒﻌﺾ ﻳﻌﺘﻘﺪ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﻣﻦ ﺣﻮﻟﻪ ﻟﻦ ﺗﻤﺴﻪ ﻓﻼ ﻳﻔﻜﺮ ﻭﻟﻮ ﻟﻠﺤﻈﺔ ﺑﻤﺎ ﻗﺪ ﺗﺘﻄﻮﺭ ﺇﻟﻴﻪ ﺍﻷﻣﻮﺭ ، ﻭﻓﺠﺄﺓ ﺗﻤﺘﺪ ﺍﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﻛﺎﻟﻨﺎﺭ ﻓﺘﺄﻛﻞ ﺟﺰﺀﺍً ﻣﻦ ﺣﻘﻞ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻭﻫﻮ ﻳﺘﻔﺮﺝ ﻋﺎﺟﺰﺍً