لا يوجد في المنتديات الرياضية والشارع الرياضي حاليا حديث غير برشلونة وتألقه وابداع نجمه ليونيل ميسي ورفاقه.
وانشغال الناس بهذا الحديث لم يأت من فراغ بل هو نتيجة لما يشاهدونه من تألق واضح قدمه الفريق الكاتالوني على مدار سنتين من الآن.
برشلونة بات كالسيل الجارف الذي يكسر كل الصخور مهما كانت قوتها وتماسكها ولا اعتقد بأنني سأضيف شيئا للبرشا فإنجازاته تتحدث عن نفسها.
ولكن السؤال ما السر وراء كل هذا؟ هل وجد جوسيب جوارديولا وصفة سحرية استطاع بها ان يدك حصون الارسنال وان يغزو البيرنابيو ويفوز فيه للمرة الثانية خلال موسمين وان يصبح المرشح الاول لكي ينال لقب الدوري الاسباني وايضا لينال لقب دوري الابطال للسنة الثانية على التوالي؟ وهو ان حقق ذلك سيكون الفريق الاول الذي يحقق لقب البطولة الاوروبية بشكلها الحالي مرتين متتاليتين.
لا اعتقد بأن ما فعله جوراديولا وخلفه لابورتا سر يجب النبش خلفه بين الكتب او البحث عنه كأنه كنز مدفون في جزيرة كما كنا نقرأ في قصص الحكايات والمغامرات.
السر هنا كان في ان برشلونة اتجه الى مدرسة كرة القدم الحقيقية والتي تعتمد على صناعة النجوم من داخل اروقة النادي وجعلها قادرة على مقارعة اعتى الخصوم بما تحويه صفوفهم من اسماء خبيرة وبراقة في عالم المستديرة.
اسماء مثل بيدرو وبوكسيتش وبيكيه لم تكن على خارطة نجوم كرة القدم قبل ان تلعب في فريق جوارديولا والذي قرر بكل شجاعة ان يغامر بلاعبيه الصغار المحليين على حساب اسماء كبيرة مثل هنري وسيدو كيتا وماركيز ويدعمهم نجوم مثل بويول وتشافي وفالديز ويتقدمهم طبعا الظاهرة الكروية ليونيل ميسي وهي جميعا اسماء قدمها برشلونة الى عالم كرة القدم. ولم تخيب هذه الاسماء ظن المدرب الكاتالوني الشاب وصار الفريق يحقق نتائج مذهلة لم يتوقعها اشد المتفائلين وسط عجز واضح من الخصوم لإيقاف هذا الطوفان.
جوارديولا لم يكتف بأن تكون انطلاقة نجومية لاعبيه وبدايتها من داخل اروقة النادي بل اعطى الاولوية للاسبان والكاتالونيين بشكل اخص لكي يكونوا هم القيادة الجديدة للفريق رغم ان خزينة لابورتا لن تعجز عن شراء افضل النجوم العالمية.
السؤال هنا لماذا لا يتبع خصوم جوارديولا في اسبانيا وخارجها نفس الفلسفة والنهج؟
لماذا صارت انجازات الاندية في اوروبا هي كيفية شراء وجلب الاغلى والاشهر بدلا من التميز ببناء جيل جديد يحمل على عاتقه تحقيق البطولات والانجازات؟
اندية في اوروبا مثل ريال مدريد والانتر والميلان والارسنال تحولت لتكون كالثوب المرقع بألوان عديدة براقة تجعله مشوها بدل ان يكون اكثر جمالا ويصبح اداء الفريق بلا هوية ولا طعم ولا لون وحتى يوفنتوس زعيم الاندية الايطالية الذي كان يتميز بنجومه الطليان صار يتبع نفس السياسة ليرمي نجومه الشبان على دكة الاحتياط لحساب اسماء لم تجلب له سوى الفشل والخيبة.
فليواصل البرشا دروسه ويحصد المجد والالقاب وقد يستفيق خصومه يوما ما ليتعلموا الدرس من جوارديولا الذي اعطى بنجمه ميسي ورفاقه الكاتالونيين دروسا مجانية في فلسفة الفوز وتحقيق الانتصارات.